بدعوة كريمة من منظمة (HST) الهولندية وصلت لامتسردام ، والمنظمة تنشط في عدة مشروعات وخاصة مجال العون الطبي وينال السودان حظاً كبيراً من هذا الدعم بجهد من ابناءه في المنظمة ، وتزامنت الزيارة مع فعاليات IBC 2024 والذي غبت عنه لسنوات فقد أحتجب عامين بسبب الكرونا ومنعتني ظروف عدة من العودة بعد الكرونا .
لا شك أن التطور متسارع جداً في تكنولوجيا الانتاج الفني ومن الصعوبة الاحاطة به في زيارة قصيرة جدا ، ولعل السمة الأبرز هي هيمنة الذكاء الاصطناعي على المنتجات حيث أصبح هو القيمة التنافسية بين منتج وآخر ، من مرحلة التصوير (كاميرات مزودة ب AI) إلى الاستديو والمونتاج.
الاستديوهات الافتراضية تنافس بعضها في تقديم الحلول الذكية من زوايا متعددة وخلفيات مبهرة وعناصر أمامية وحركة ومرونة في التصوير كأنك تتجول في( قالري) حقيقي ، مع إستيعاب وتوظيف في منتهى السلاسة للجرافيك ، ويمكن القول ان حقبة الديكورات التقليدية قد بدات في التلاشي إلا قليلاً.
بعد جولة سريعة من اليسير عليك ان تكتشف تزايد الشركات الصينية ، فلا تخلو قاعة منهم ولا منتج من آخر يطرحونه منافساً ، و تقريبا كل شركة عالمية احتكرت صناعة محددة في الانتاج ستجد لها في المقابل شركة صينية تطرح المنتج وبسعر أقل وبطرق عرض متشابهة .
سألني عزيز : ما الجديد في IBC 2024؟ قلت له غياب الوجوه السودانية كما ألفنا سابقاً لاخوة وأصدقاء كانت تشهد ردهات تلك القاعات مشيتهم بين الأجنحة وتوصيتهم لبعضهم أن تزور قاعة كذا ففيها الجديد وأن تمر على موقع كذا فلديهم المفيد …كانت تشهد القاعات ضحكاتهم وآمالهم ويتعجب الناس فيهم ما بين سلام التلاقي ودموع الفراق .
من هؤلاء الرفاق المهندس
Ibrahim Bakhtan
فمن يرافق بختان ينال احدى الحسنيين اما صحبة ماجد أو رفقة عالم في مجاله والاحرى انك ستظفر بهما معاً .
قبيلة المهندسين يحجون إلى هذا الحدث منذ عهد بعيد ، وفي قرارة انفسهم أنهم أهل الإستحقاق لا غيرهم ولا بأس ان سمحوا للآخرين من باب ان معرفتهم كالبرامجيين والإداريين بالتحولات الهندسية والفنية ربما تقرب الشقة وتساعد في انجاز الأعمال ، لذلك تجدهم في كامل الاناقة وتمام الحرص على التغطية الشاملة لكل التفاصيل .
ايضا صديقنا العزيز المهندس /محمد محجوب (مايسترو) هندسة النيل الأزرق تجده أيضاً يدخر جهده في عروض محددة ثم يأوي إلى (عربة البطاطس) فيؤانسك بلطفه المعتاد بين المواقف والطرائف ليعود مرة اخرى ويغوص في لجة الزحام .
هاهو المهندس محمد عمر الفاروق ..يأتي وحيداً أو بمعيته أحد معاونيه ولكن في كلتا الحالتين تشعر انه يأتي في زفة من الفرح لأن المولى عز وجل (ما شاء الله) وهبه طاقة من البشاشة وحسن الاستقبال مع تركيز ذهني وحضور معرفي واستعداد دائم لنقل ما توصل اليه بكرم وسخاء .
من قبيلة الهندسة كان صالح وكان فريق قناة طيبة والإذاعة القومية وعربسات فيها (النابه عوض عيد ) و شيخ العرب (عبد الله TV You) وغيرهم كثر ما بين عارض ضمن فريق شركته او وافد مع اهل مؤسسته ، يتنافسون في عرض او استجلاب التقنيات التي توفر الجهد والوقت وتقلل التكلفة وبالفعل كانت تجد طريقها نحو مواقع الانتاج واحدثت اثر جعل الاعلام السوداني متطوراً ومتقدما على دول تعتبر اغنى منا اقتصاديا .
طائفة اخرى تأتي إلى هذا الموسم هي أهل البرامج ولن تجد خيراً من الاستاذ / حسن فضل المولى ليمثلهم فهو صاحب الاسم الذي كاد أن يتحول لعلامة تجارية دالة على القبول والتفرد والسعي بين الناس بالمحبة ، والكلمة الطيبة (جواز سفر ) وبذا فهو يملك تأشيرة دخول متعددة وقابلة للتمديد ، فصحبته في ذلك الفضاء المزدان بالجمال كانت تضفي أجواء مميزة وأحاديث وحكايات يغتالها فضول عدسة الكاميرا فيلوذ بالصمت والتأمل ، وينعش سردها حيوية المكان و(روقة الاصغاء) إذا ما تدانت الآذان فيسمح للحديث أن ينساب وترجو أن لا يتوقف .
في موكب البرامجيين يطل وجه أستاذنا / أزهري ، مرة قدمت إلى هنا برفقة الخال (ابو الزهور ) وما أمتعها من رفقة فهو بقية مما ترك ( اهل المحنة من الأسلاف ) تدني منه فتجد الود الخالص ، واللين وكثير من المعارف والطرائف يبذلها في تواضع لا يشغله كثرة المقاطعات للسلام ولطلب التصوير فيفعل دون ان تمسه سهام الغرور او تطعنه شوكة ( الانتفاخ الذاتي ) تلك اللوثة التي اصابت الكثير من الذين نسميهم (بالمبدعين)
اما أستاذ صالح محمد علي الذي يجسد عراقة مهنة الصحافة باصولها ونكهتها المعتقة من ورق المطابع ، مع مواكبة واعية لمتغيرات الاعلام في المحتوى والوسائل ، وثالثنا في الرفقة الحبيب عبد الغفار (العمدة الشرفي لأمستردام من الراي إلى الدام) فهما قصة مختلفة ، فعند استاذ صالح حكايات الصحافة والناس والسياسة والشخصيات والمواقف مع سرد أنيق يشد أوتار الحديث نظما وسلاسة ، وبين طموحات عبد الغفار ذلك الفتى الذي يحمل حب السودان حتى لتظن انه السوداني الوحيد في المهاجر البعيدة من كثرة ما يشغله من مبادرات إنسانية ومواقف وطنية على شرفات المجد الباذخ والشرف الرفيع ، ومعه ثلة من الشباب يشاركونه الهم ويتقاسمون معه الواجب فبورك فيهم وفي سعيهم ، فتكون للرحلة ابعاد من الفائدة والمتعة .
انقضت ساعات في ذلك الزحام …وكنت أتمعن في الوجوه عسى ان ياتي عام وقد اطل الرفاق يملأون مسارات المعرض وكلهم امل وعزم ان ينهضوا بالمؤسسات الإعلامية في السودان من جديد وبأحدث التكنولوجيا باذن المولى العلي القدير .
حضرنا وكتبنا على لوحة المعرض
وإن أعادوا لنا الأماكن، فمن يعيد لنا الرفاق؟
حامد عثمان