الملاحظ أن ان تصريحات الفريق اول / ياسر العطا منذ بداية هذه الحرب تستبق المواقف الرسمية ، والتي سرعان ما تتباناها جزئياً او كلياً ، ولو أردنا تشبيه تصريحاته من واقع لغة اليوم فليس هناك ابلغ من تشبيها بالقصف المدفعي الذي يمهد الارض للقوات لتتقدم بأمان بعد ان تكون قد رصدت التحركات المعادية وأصابتها .
المواقف التي تنهض دليلاً على ذلك يسهل حصرها وذلك لقوة تأثيرها في الفضاء السياسي والإعلامي، وللمنصب الذي يشغله ، فياسر العطا هو أول من بادر وسمى تقدم كجناح سياسي موالي للمليشيا وتوعدهم وطالب بملاحقتهم قانونياً ، ثم كان هو أول من كسر حاجز الصمت وأشار للدور الإماراتي في دعم المليشيا ونعتها بأوصاف غير معتادة في قاموس العلاقات السودانية الاماراتية على الأقل منذ صعودهم بعد ذهاب حقبة الإنقاذ ، أيضاً كان الوحيد الذي يصرح بتصورهم لكيفية إدارة الدولة لمرحلة ما بعد الحرب ، وجملة من التصريحات الأخرى كانت دائماً مثار جدل كثيف وقبل ان يتلاشى دخان الترند تجد إن شيئا مما قال قد وجد طريقه للتنفيذ .
الجديد في تصريحات العطا والتي عادة ما يتخذ الميدان منصة لأطلاقها لاصابة هدفين: الاول توجيه رسائل بقوة دفع عالية ومن حرارة الميدان ، والثاني رفع الروح المعنوية وتاكيد ما يريده الجنود من مواقف حاسمة تقطع حبل الشك الذي تبرع دعاية المليشيا وحليفها في (فتله)
في حديثه الأخير قطع العطا بان قائد الجيش (لم يسميه) سيكون على راس السلطة السياسية بصلاحيات لم يحددها تفصيلا ، وشدد ان ذلك سيتم حتى في حالة اجراء الانتخابات ، بمعنى ان بقاء الجيش في راس السلطة السياسية لا علاقة له بمن يتولى دفة تسيير الخدمة العامة (مجلس الوزراء)
كما ذكرنا آنفا فان تصريحات العطا لا تغادر سريعاً محطة المجالس وصفحات التواصل ونقاشات الساسة ، بل وسرعان ما تتبلور ردود الفعل من حديثه وهو ما حدث .
في جانب آخر يجتهد البعض في التحليل فمنهم من يرى أن ما قاله يتضمن إشارة إلى قرب إعلان الجيش عن غياب حميدتي بشكل نهائي ، وذلك لقفل الباب امام المحاولات المستميتة لإظهار وجوده على قيد الحياة -بحسب اصحاب تلك الفرضية – ولعل ما دفعهم لتبنيها هو حديثه القاطع بشان ترأس قائد الجيش للدولة ما يعني شغله منصب رئيس الجمهورية ، في ظل عدم وجود منافسه الأقرب الذي كان يعد نفسه لهذا الموقع وبذل في سبيله التحالفات الداخلية والخارجية ، وشرع في تنظيم حملة ترشحه وبحسب بعض المصادر فإن فرق هذه الحملة باشرت أعمالها في الولايات قبيل الحرب تحت غطاء (مكاتب تنسيق في الولايات ) ولكن ربما لعوامل أخرى استعجل الرجل المنصب وفضل الوصول اليه بصندوق الذخيرة بدلا عن صندوق الاقتراع.
ما يهم الشعب السوداني في هذه المرحلة هو سرعة الحسم العسكري ، لجهة التكلفة الباهظة لكل دقيقة تاخير لهذا الحسم على كاهل المواطن والوطن ، وبالتالي قد لا تجد هذه (التكتيكات) قبولا لدى الرأي العام السوداني الذي يتطلع الان إلى ما يحقق له الامان ويعيده إلى دياره وحياته حتى ولو (يبدا من الصفر ) .
مطلوب من قادة الجيش ان ينزعوا رداء السياسة وان يتفرغوا لمهمتهم ويعدوا لها العدة والعتاد ، وان يتركوا الانشغال بتصريف ديوان الحكومة ويسندوا ذلك إلى خبرات وطنية لم يشهد لها العمل السياسي منذ (الروضة إلى الوظيفة ) وما اكثرهم في بلادنا لكن (السياسة حجاب ).
حامد عثمان حامد