كنت الح علي السائق الهمام محمد داؤود (حفظه الله ) ونحن في طريق عودتنا من المجلد لكي يقصد مدينة (بابنوسة) رغبة مني في زيارتها فقد ارتبطت في ذاكرتي اسما منذ رحلات الجغرافيا في الصف الرابع ومنذ ذلك الحين تعاظمت امنيتي في رؤية المدينة وإنسانها والتجول في رحابها وقد نزل محمد داوود الي رغبتي فهو تلميذي في التصوير وانا تلميذه في قيادة السيارة ومن هذه المصلحة المتبادلة نشا ود جميل ورفقة طيبة تظل حية في الذاكرة . وجدت بابنوسة رائعة كما توقعت غنية كما وصفها لنا استاذ الجغرافيا اَهلها أنقياء كما هو حال اهل الريف بساطة وكرم وصدق مشاعر قبل ان تختلط بالأخيرة الوسائط الا من رحم ربي.
وكما هو حال بابنوسة عندي كمدينة واجب زيارتها لمن استطاع اليها السبيل فان لندن عاصمة الإنجليز تقاسمها الأمنية في الزيارة والتجوال في معالمها الباذخة والمشي في طرقاتها علي خطي الطيب صالح ومنسي ترافقا رغم التناقض في كل شيء احتمل الاول (طبظات) الثاني بصبر جميل ورضي بقسمته في ان يصبر عليه مقابل ما منحه من طرفة ومواقف تذيب جليد عاصمة الضباب من دفئها وإحساسها ومن منا لم يحب منسي؟
من الصعب الحكم علي المدائن والنَّاس بعد ايام من المعاصرة ولكنها فقط تشبع فضول نفسك بانطباعات عامة وسطحية قد تتولد من موقف عابر او مشاهد سريعة، وكنت استغرب لما استمع لبعض الجوالة والسائحين وهم في نشوة حكاويهم يفرضون أحكاما غيابية عن شعوب وحضارات لمجرد انطباع من زيارة سريعة فيقول لك مثلا : والله الألمان ديل ناس ما زي انت متخليهم هم كذا وكذا وصاحبنا يكون بس أتوقف في المطار ومنه سافر .
ستظل هذه المدن وغيرها في البوم الذكريات وهي تجارب إنسانية مهمة في التواصل مع البشر أينما كانوا.
وبابنوسة في الوجدان اقرب من لندن .
شكري ومحبتي لكل من قابلتهم او منعت ظروفهم وظروفي من مقابلتهم نسال الله ان يحفظهم في غربتهم وان يردهم يوما الي وطنهم سالمين غانمين والبلد في احسن حال .
وشكرا نبيلا لرفيق الرحلة منذ وصولي الي مغادرتي أخي محمد عبد الرحمن (خميس ابو العافيه ) كما لقبته فقد كان نعم الرفيق .
صورة لمحمد عبد الرحمن
صورة تظهر اعمال الصيانة في ساعة بق بن