قراءة اولي:
المتابع الحصيف لازمة ولاية الجزيرة بطرفيها المجلس التشريعي من جهة والوالى من جهة اخرى يدرك ان نتيجة الصراع قد حسمها الرئيس قبل ستين يوماً عندما اعلن ان ايلا باق في منصبه الي نهاية الفترة الرئاسية اي في 2020م ، وبالتالي الذي اصروا على مواصلة اشعال الحريق اما انهم يعلمون ان الرئيس سينحاز الى الوالى اذا استمر التصعيد ويرغبون في ان يظهرونه متجاوزا للهيئة التشريعية لحساب السلطة التنفيذية وبهذا يضعونه في خانة حرجة امام الحزب والراي العام، او انهم لا يمتلكون رصيداً وافرا من الخبرة السياسية تمكنهم من قراءة المشهد بمالاته المستقبليه ويدركون انهم في النهاية سيخسرون معركتهم لان السلطة الاعلى اعلنت موقفها جهرة وامام الناس وليس همساً في صالون او مجلس.
لماذا الصراع في الجزيرة؟
الخرطوم تتلقي كل يوم سيلا من الاخبار عن صراعات الولايات وما يتلقاه المواطن في الصحف او الواتسب لا يكشف الحقيقة بابعادها وانما تتمظهر حالة من التخندق في معسكرين يحاول كل معسكر ان يسدد رميه في نقاط المعسكر الاخر ولكن بطريقة الشفرة حيث لم اجد بين كل الكتابات التي اطالعا سردا موضوعيا للازمة وانما حديث تغلب عليه العموميات مثل :جماهير الولاية مع ايلا، ايلا لا يعمل بالمؤسسية ، ايلا يحارب الفساد..) وهكذا الاخبار تتري من حواضر الولايات البعيدة ويستمر مسلسل من المقالات الصحفية والبوستات الاسفيرية في غياب تام للصحافة الاستقصائية التي تتجول في الحواري وبين عيون الناس تعكس الحقيقة بلا زيف وتنقل الواقع دون مساحيق للتجميل والزينة لكن مع كثافة (الظروف) يضيع المعروف .
احراج الحزب
النزاع القائم طرفاه من كوادر حزب المؤتمر الوطني والذي وقفت قيادته عاجزة عن احتواء الأزمة وفشلت وفودها في اجبار الطرفين علي التنازل عن مواقفها والقبول بحلول اليات التنظيم كما جاء في الاخبار ولكن من الواضح ان الحزب لا يملك إرادة تمكنه من الزام عضويته بالقرارات وهذا دليل علي الفشل وبيان بالعجز فهل (كملت ) بندولات نافع ام موجودة ولكن لا يوجد طبيب ؟
ازاء هذا الضعف لم يكن امام الرئيس الا تجاوز الحزب واللجوء الي سلطته التي منحه إياها الدستور ليرسم خارطة طريق حسب رؤيته كانت صوابا ام خطئا
وفِي كل الأحوال يبدو هذا الموقف ترجمة واقعية لحال الحزب الذي يحكم البلاد مع احترامي لمشاركة باقي الاحزاب فإذا كانت ارادته غائبة او مغيبة فكيف يمكن ان يقود الوطن ؟ وإذا كان يرمي بكامل العبء علي الرئيس فكيف يطمئن المواطن او فلنقل عضوية الحزب الي سلامة الإجراءات ولمرجعية القرارات فالرئيس بشر يخطيء ويصيب ولكن المؤسسات وجدت لتحصن النفوس فلا تميل الي غير مصلحة البلاد والعباد .
رسالة سالبة
تدخل الرئيس بحل المجلس وإعلان حالة الطوارئ في ولاية لم يدخل هذا المصطلح في قاموسها السياسي وتاريخها الاجتماعي سيبعث برسالة سالبة الي باقي المجالس التشريعية التي لها أزمات مع الولاة وسيتراجع دورها الرقابي ومحاسبتها للسلطة خشية من مصير مجلس الجزيرة وبالتالي ستكون العلاقة بين السلطات مهتزة وغير طبيعية وهو ما سيؤثر علي الواقع بابعاده المختلفة
من المهم ان يحافظ راس الدولة علي المسافة التي تفصل بين هذه السلطات حتي يضمن عدم وجود تقاطعات تهدم بنيان الدولة
كان علي الرئيس ان يترك لحزبه حسم الأزمة ويدعم قرار الحزب بوصفه رئيسا له دون الحاجة الي قرارات ثورية تأتي بتداعيات لا تخدم الوطن
اخيراً
اليس في الحكومة العريضة والحزب الكبير والحركة العريقة من يقول وبكل أدب :اخطات يا عمر ؟
ولك اجر الاجتهاد
الرئيس ينعي حزبه
