على مسرح السياسة السودانية يتأمل المتفرج ويصاب بالدهشة فيما يجري امامه في أعقاب القرارات الأمريكيه الأخيرة ومبعث الدهشة هو التسابق لدى البعض وهو ينسب الفضل إلى ذاته ويدعى ابوة النصر المزعوم ..وهذا ضرب من التقليل من قيمة العمل المؤسسي الجماعي لصالح تقديم صورة باهته عن الأداء الحكومي الذي تتنافر أطرافه ولا تتجاذب وهي صورة بطبيعة الحال غير مطمئنه تضم الى مآخذ أخرى على طريقة إدارة الشأن العام وفي الوقت نفسه تسئ إلى أمه بعلمائها ومفكريها ونجابة بعض سياستها ودبلوماسيها ….الطريقة التي أخرج بها أحد المسؤولين ما سمي بأسرار وكواليس خلف ما صدر من قرارات أمريكية تشكل مثالا واضحا لاستعراض النفوذ وترسيخ النجاح لجهة شخص واحد لعب كل الأدوار والغي كل المؤسسات المختصة بملفاتها وخبرائها ليختزل ما جري في الاختراق الذي أحدثه وجاء بما لم يجئ به الأوائل …ولقد كان سائدا ان التكاليف والمهام الخاصة لدى اي رئيس جمهورية تظل محفوظة ولا يظهر أبطالها في الإعلام بل تظل محل كتمان يتسق مع طبيعتها لكننا امام حالة سودانية جديدة وجديرة بالتأمل والتساؤل عن الهدف من سرد حكايات الرحلات والرسائل الخاصة قبل حتى أن تعقد سفارة واشنطن مؤتمرها والذي لم تشر فيه إلى تلك الحكايات والاختراقات ببطلها الهمام وفارسها المقدام وحارسها الأمين ….والتاريخ القريب يسجل إنجازات عديدة التزم المكلفين بها بالصمت ولا تعرف الصحافة إلى بيوتهم طرقا كانوا خلف مشاريع كبيرة وقرارات مفصلية أثروا ان يتبعوا مسار المهنة فلا يعرجوا إلى صفحات الجرائد ومواقع التواصل …ستظل قصص التصنيع الحربي والبترول وغيرها من الحوادث التاريخية طي الكتمان لأن الرجال الذين وقفوا من خلفها لا يساورهم قلق من البقاء في منصب أو الترقي الى ما هو أعلى في رحلة الحياة القصيرة بل أوقفوا جهدهم للوطن دون انتظار لمكافاة من أحد ….أن الحالة التي أصبحت مثار سخرية وحديث المجالس هزمت الجهد الوطني الكبير الذي قامت به مؤسسات رسميه وشعبية بل وحتى أفراد سودانيون اوصلوا صوت معاناة أهلهم الى قمة هرم الإدارة الأمريكية ولأن الدافع هو رفع المعاناة عن البلد لم يتحركوا نحو منصة الإعلام بهدف التلميع الزائف والترويج الكذوب ….من جهة أخرى فإن بعض الذين يسخرون من شعارات الانقاذ القديمة ويعيدون إنتاجها عليهم أن ينالوا من صورة امريكا ويتاملوا إلى مثلث الشر الذي نصبته ذات يوم وها هي اضلاعه تتهاوي فتغير الوضع مع كوبا بكل اشتراكيتها وتاريخ عدائها وتبدل الحال مع إيران فدفنت رأس الشيطان في جبال فارس وتجاوزت لها امريكا حصار السفارة والمناكفة في البحار …هي السياسة لعبة المصالح ليس عيبا أن تراجع موافقك ان كانت مصالح الأمة تقتضي ذلك بل وحتى اليسار السوداني بكل نضالاته ضد الإمبريالية التي تمثلها أمريكا اضحت العلاقة معها والإعجاب بسطوتها واحدة من تجليات المفارقة الفكرية إلى حد يقترب من النفاق السياسي وهو امر تبرأ منه بعض المخضرمين من أهل اليسار … وليس بعيدا عن كل ذلك المخاوف التي يبديها العقلاء من أن تفوت الحكومة فرصة الانفتاح الخارجي التي لاحت فتضيع هباء منثورا كما ذهبت سانحة البترول وما فيه من موارد لم توجه نحو الاستثمار في الموارد وإنشاء الصناعات التحويلية بهدف الاستفادة القصوى من الزراعة فكان نصيب الصرف السياسى عظيما تمظهر في الارضاءات والهياكل المترهلة في كل الاصقاع والصرف على مشاريع لا نرى لها أثرا غير المسميات الفضفاضة نفرة زراعية او نهضة وهمية ذهبت جميعها إلى ذاكرة الشعب الذي لن ينسى هذا الإخفاق التاريخي
القرارات الأمريكيه الأخيرة
